الخميس، 11 فبراير 2010

رنات الرحمات

ما أجمل أن يعيد الإنسان اكتشاف الناس من حوله من جديد، ويعيد مد الجسور التي قطعها الزمن بالتقادم تارة وبالدوران في دوامة الحياة اليومية تارة أخرى.
لقد كان المرض وقفة رغم قسوتها إلا أنها أعادتني إلى نفسي التي هجرتها منذ سنين، وأعادت إلى اذني لحن أصوات كدت أنساها، أصوات جمعتني بهم ضحكات الطفولة وذكريات الشباب، وساعات السمر في ليالي الشتاء وأمسيات الصيف، جمعات العائلة ولمة شمل بنات العم والخال والعمات والخالات،درسنا معا،كبرنا معا، ثم تفرق كل منا في طريقه،وهاهو خبر مرضي يجمعهم حولي من جديد، انهالت اتصالاتهم علي من كل جانب، تساندني وتشد من أزري.
يا قلبي العليل لست وحيدا، هاهي قلوب أخرى تدعوا لك بظهر الغيب، حتى من كانوا أصغر منا سنا، ولا أجد لهم في الذاكرة إلا صور لأطفال صغار نحنو عليهم ونلاطفهم ونحملهم بين ذراعينا قد أصبحوا اليوم شبابا وفتيات، وهاهم يتصلون بي كانت أسماؤهم قد انزوت في ركن الذاكرة وعلاها غبار الزمن وهاهي عادت براقة من جديد، ياه..ما أجمل أن يشعر الإنسان بكل هذا الحب والمساندة.
خالي العزيز الذي لم أره منذ 13 عاما يتصل بي نستعيد معا ذكريات مضت ما أجملها، كم كنت افتقد تلك المشاعر الحميمة والقلوب العزيزة على قلبي وهاهي محنة المرض تعيدهم لي من جديد، شعرت برغبة قوية في تجاوز محنة المرض والقفز فوق أيام المرض لأرى تلك الوجوه من جديد.

الثلاثاء، 2 فبراير 2010

أي المراحل أصعب؟

كثيرا ما شردت بذهني وأخذت أفكر الآن في مراحل المرض والعلاج الذي مررت به وأتساءل ، ترى أي تلك المراحل كانت الأصعب؟
لو كنت فكرت في إجابة هذا السؤال من قبل لما استطعت أن أجيب عنه، فلم أكن قد جربت جميع المراحل وعشتها، ولكني الآن وقد انتهيت اصبحت قادرة على الرؤية الكاملة بوضوح وقد يتعجب من يقرأ كلماتي إذا قلت له إنها مرحلة ما قبل العلاج أو فلنسميها مرحلة التشخيص إنها مرحلة الحيرة والتخبط والأمل المكذوب والإحباطات التي لا تنتهي
اليوم يقول لك الطبيب الحالة غير واضحة وغدا يكرر لانزال بحاجة لمزيد من الفحوصات، وفي اليوم الثالث يكرر قد يكون المرض قد انتشر في أماكن أخرى لابد لنا أن نعرف هل هو ثانوي أم أولي، وثالثا... ورابعا.. وخامسا دون أن ينتبه هذا الطبيب وهو يناقش ويفكر ويقرر أن الإنسان الذي يجلس أمامه ليس مجرد حالة كما يتعامل معها بل انسان ينبض قلبه ويعمل عقله ويداعبه الأمل ويخرج له الإحباط لسانه وتمزقه الحيرة بمخالبها التي لا ترحم.
لم أكره في حياتي معرفتي للغة الإنجليزية كما كرهتها هذه الأيام، فحين يحاول الطبيب أن يتحدث مع زميل له ظنا منه أنني لاأفهم ما سيقوله يفاجأ بتدخلي في الحوار ورغبتي في عرفة المزيد، هذا المزيد الذي يعتقد الطبيب أنه لايجب أن أعرف عنه شيئا الآن.
تذكرت وقتها دعاء الإمام الشافعي رحمه الله حين قال" اللهم ارزقني ايمان العوام"
لقد كنت أحتاج في تلك الأوقات لعلم ومعرفة العوام الذي يسلم القيادة لصاحبها ولا يشغل عقله في التفكير والمعرفة، لقد كانت تلك المعلومات التي أحصل عليها من هنا وهناك والجمل التي تصلني من حوارت الأطباء وفنيي الفحوصات سببا في المزيد من الحيرة فلا أحد حتى الآن يستطيع أن يعرف
حقا لم أعش في حياتي اصعب من هذا التخبط، فحين تعرف أبعاد المشكلة وتبدأ في التعامل معها تهون الأمور وتشعر أنك تسير على الدرب مهما كان صعبا ولكنك تتقدم أو حتى تقف ولكن في الإتجاه الصحيح أما هذه الحير وهذا التخبط وتلك التأرجحات مابين اليأس والأمل والإحباط كانت في نظري وان كانت لحظات الصعوبة كانت ترافقني في كل المراحل ولكن تظل تلك الأيام هي الأصعب على الإطلاقالأصعب دائما