الأربعاء، 23 ديسمبر 2009

عاهدت نفسي

قد تتعاقب على الإنسان مواقف وأحداث يشعر وقتها أن الأمور تنتقل من سيء إلى أسوأ ولكن بعد أن تمر هذه الأحداث يكتشف أن هذا التتابع كان من رحمة اله به، وهذا ما لمسته خلال الفترة الأولى من اكتشافي للمرض.
أيام قليلة مرت بين معرفتي بمرضي ومعرفتي بقرار انهاء خدماتي، لتبدأ بعدها رحلة طويلة بين مكتب العمل والمحكمة من أجل تحويل الإقامة والحصول على مستحقاتي المالية، ورغم ماكنت أشعر به وقتها من أن الدنيا كلها قد تجمعت على كاهلي إلا أنني اليوم أدركت قيمة ذلك، لقد ادخلتني تلك الأحداث في دوامة الحياة، ولم تجعل أيامي خالية إلا من مرضي ومن التحسر على مافاتني، ولم تسلمني للشعور بأن دنياي تدير لي ظهرها.
وهكذا بدأت رحلتي مع العلاج الكيماوي ورأسي مليء بالأحداث والمهام والأمور التي يجب علي أن أقوم بها، لقد أجبرتن هذه الأحداث على أن أقاوم ألامي، والضعف الذي يسري في نفسي وجسدي، إن هذه مسئوليتي وعلي مواجهتها.
أحيانا كنت أشفق على نفسي من كل تلك الأحداث ومن أنني لاأجد الوقت الكافي لأستسلم لمرضي وأعطي لنفسي حقها في أن تتألم وتستكين لضعف المرض الحتمي، ولكنني سرعان ما كنت أواسيتها وأداوي ضعفها قائلة: إن كان هذا آخر عهدنا يانفسي بالدنيا فلنتركها ترك الأقوياء، ولودعها وداع القادرين لاوداع المهزومين المقهورين، وإلا فكيف ستقفين أمام ربك وقد يأست من رحمته، وشككت في قدرته وفي أن الشفاء والمرض بيده، فلنعش حتى الحظة الأخيرة لنا وكأننا سنعيش أبدا ولتحمدي ربك على أنه قد ذكرك أنك قد تموتين الساعة فلتستعدي ولا تتركي لساعة الرحيل أن تأتيك بغته.
ومرت أيام العلاج وأنا على ذلك وقد عاهدت ربي وتصالحت مع نفسي أن نعيش دنيانا راضين بما قدره الله لنا فيها حتى آخر لحظه، وأحييت ليلي بالدعاء والتضرع إلى ربي موقنة بإجابته دعائي وبقرب فرجه وقد كان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق