الثلاثاء، 11 يناير 2011

كيماوي غير شكل

سنتان مضت تقريبا منذ أول يوم لي مع جلسات العلاج الكيماوي، وها قد عادت الكرة من جديد، ورغم غياب رفقاء الدرب الأول في جلسات الكيماوي منهن سلفتي الكبرى ذكرها الله بالخير لإضطرارها إلى السفر، ووالدتي بارك الله فيها إلا ان دعاؤها قد وصل وشعرت ببركته ترفرف من حولي.
كنت أخطط للذهاب بمفردي لأخذ العلاج، ولكن الله أرسل لي صديقة جاءت زائرة من من وراء المحيط الأطلسي لتذهب معي، رغم محاولاتي اثناؤها عن ذلك لمعرفتي بضيق وقتها والمهام التي على عاتقها إلا انني اشكر لها اصرارها على الذهاب معي فقد كانت نعم الرفيق، وكانت رفيقات حلقة القرآن مجتمعات معا ولم يمنعنا عن مشاركتهن إلا جلستي العلاجيه التي قررها الطبيب في اللحظات الأخيره، فكان لي نصيب من لقاؤهم المبارك دعوات جماعية متواصله ورسائل واتصالات لا تنقطع، ثم جاءت الحبيبة صفاء، تلك الداعية الرائعة التي روت لي قصة مريم، فملأت أذني بقصص مريضات اشهرن اسلامهن، احداهن تلك الفلبينية التي طلبت منها ان ترقيها فما كانت تضع يدها عليها وتبدأ بقراءة الفاتحه حتى تفاجأ بالدموع تنهمر من عينيها كأنها البحور، ولم يمر ثلاثة أيام إلا وأعلنت اسلامها، واختاروا لها اسم ام المؤمنين عائشه، وبعد فترة قابلتها بحجابها، ووجهها المشرق بنورالإسلام وعلمت ان حالتها المرضية قد تحسنت فوضعت يدها عليها لترقيها كما فعلت في السابق فوجدت الدموع والخشوع وخشية الله، انها الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها.
هكذا مضت الساعات داخل جناح العلاج هانت معها الآلام، وتضاءلت المصاعب ولم تعد شيئا أمام الوقت المبارك الذي قضيته، وغادرت على اتفاق مع صفاء أن نعد معا كتابا حول الحالات المرضية التي أسلمت على يديها، اللاتي ولدن من جديد على فراش المرض، فكان المرض لهم رحمة ونعمه، وميلاد جديد وليس نهاية العالم كما يعتقد القاصرون، لا شك ان الله قد رأى في مرضهم خيرا لهم فابتلاهم به، ولو تركهم على صحتهم ما نالهم هذا الخير الذي وجدوه.
يالرحمة الله وحكمته البالغه يغني الغني لأنه يعلم أن الغني يصلحه، ويفقر الفقير لأنه يعلم أن كثرة المال ستفسده ولن يطيق آداء حقه، ويصح الصحيح لأنه صالحه في الصحه ويمرض المريض لأنه يعلم أن خيره في مرضه، فما على الإنسان إلا أن يسلم ويرض بقضاء الله رضاء القانع المسلم، لا رضاء المجبر الذي لا خيار له.
أسأل الله ان يعينني لأتم ما اتفقته مع الرائعة صفاء وان يجعله لنا صدقة جارية، ونفعا فهكذا هو الله دائما ينزل الرحمة ، ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.
لقد كانت بالفعل جلسة كيماوي غير شكل، أحمدك ربي وأشكرك ملء ما في السماوات وملء ما في الأرض وملء ما شئت من شيء بعدهما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق