الاثنين، 27 ديسمبر 2010

فيروسي العزيز

من منا لا يتأفف أو يتذمر حين يشعر بالوهن يسكن أطرافه، والألم يسيطر على مفاصله، ونبرة صوته تخرج مبحوحة أثر هجمة دور برد يغزو جسمه، ولكن هل هناك من فكر أن هذا الفيروس الضعيف قد يكون هو الرحمة التي يرسلها الله سبحانه له؟، لا أقصد بهذه الرحمة الحسنات التي يهديها الله للمؤمن المحتسب، بل أقصد ان يتحول هذا الفيروس الضعيف إلى رحمة تتيسر بها الأمور وتسير معه نحو الأفضل، هكذا أصبح فيروسي العزيز الذي أبى إلا أن يغزو حلقي قبل العيد بأيام مانعا صوتي من الخروج، لقد كان هذا الفيروس سببا في تحويل إقامتي في المستشفى إلى إقامة خمس نجوم، في غرفة خاصه مع حمام وهاتف مستقل، تلك الغرفة التي لو حاولت الحصول عليها بكل الوسائل لم أكن لأنالها خاصة في وقت العيد والجميع غير موجود وليس في الإمكان أبدع مما كان.
لقد خشي الطبيب على المريضات من حولي أن ينتقل إليهن الفيروس بسبب ضعف مناعة الجميع فالكل مابين معالج الإشعاع أو بالكيماوي، ومناعتهن منخفضه، وفيروس مثل هذا كفيل أن يؤخر جرعات الكثيرات، لذا كانت الأوامر العليا غرفة خاصة للسيطرة على الوضع، حقا " وما يعلم جنود ربك إلا هو" فمرحبا بكل قدر الله فله فيه حكمه علمناها أم جهلناها، أحببناها أم تذمرنا منها فالقدر واقع لا محالة وليس لنا منه إلا الثواب بالصبر والشكر أو السخط بالتذمر وعدم الرضا.
ان من أهم الرحمات المهداة من رب العالمين في ظلام المحنة أن تشعر بمعيته، ورعايته وتيسييره، وأن تجد أن أمورك تسير نحو الأفضل دون حول منك ولا قوه، حينها لا تملك إلا أن تقلب كفيك عجبا من حكمته، ولسانك شكرا على نعمته خاصة حين تجد أن من جعله الله سببا لذلك لم تكن تعتبره شيئا، انهما الكاف والنون الخفيفتان على اللسان اللذان يدبر بهما الرحمان أمر هذا الكون فيقول لما يشاء كن فيكون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق