الأحد، 11 أبريل 2010

مريم وأنا

حين حطت أقدام مريم على أرض الكويت منذ سنوات لم تكن سوى خادمة بين العديد من الخدم الذين يحضرون ويغادرون أرض الكويت في كل يوم، ولم تكن مخدومتها تعلم ان تلك الخادمة التي دخلت منزلها والتي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة ستكون لها معها تجربة لا تنسى، فمريم الفلبينية رغم أن حياتها لم تختلف كثيرا عن مثيلاتها، إلا ان موتهاكان عبرة ودرس، لقد منحتنا بموتها القدوة في التمسك بالحياة،فمنذ أن علمت مريم بحقية آلامها التي بدأت تزيد فجأة لتكشف عن وجهها الخبيث الذي وصل مرحلة متأخرة، وحتى لفظت أنفاسها الأخيرة لم ترض باليأس ولم تترك الأمل حتى أنها غيرت حياتها من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وقررت أن تعتنق الإسلام قبل وفاتها ب11 يوما، وكانت تصطحب معها الكتيبات والأشرطة إلى غرفة العناية المركزة، لم تمنعها آلامها واقترابها من الموت ورئتيها العليلتين وأنفاسها التي بالكاد تخرج من صدرها مختلطة بسعالها الدموي أن تودع الحياة قبل أن يحين موعدها وتخسر الأيام الثمينة المتبقية منحياتها، فأثابها الله بذلك هداية لم يمنحها لكثيرين ممن ولدوا على الإسلام وشجاعة في اخاذ القرار، جعلت الشهادة آخر ما تنطق به وتدفن على الإسلام.
حين سمعت قصة اسلام المريضة الفلبينية مريم بعد وفاتها بأيام، وزرفت الدمع وأنا اعيش آلمها من خلال كلمات صفاء الداعية في صندوق إعانة المرضى والتي عاشت معها الأيام الأخيرة لمرضها وحضرت لحظة نطقها بالشهادتين ولقنتها الشهادة قبل وفاتها ان مريم ستكون لها دور في حياتي
لقد كانت قصة مريم آخر موضوع نشرته بإسمي في الصفحة الدينية بجريدتي، ولكن روحها العالية وقدرتها على التمسك بالحياة حتى اللحظات الأخيرة جعلت منها رفيقتي الدائمة في رحلة مرضي
لقد ظلت صورة مريم التي نشرتها مع موضوعي وهي تنطق بالشهادتين قبل وفاتها بأيام ماثلة أمام عيني، تشعرني بالخجل كلما ضعفت أو تسلل اليأس إلى قلبي لقد كانت مريم التطبيق الحي لمسلم ينفذ وصية رسول الله صلىالله عليه وسلم بعدم التنازل عن غرس الفسيلة حتى لو قامت الساعة، كنت أتخيلها كيف كانت تأخذ معها الكتيبات و الأشرطة إلى غرفة العناية المركزة لتستمع إليها، لم يمنعها مرضها الذي كان مثل مرضي ولكن في مراحله الأخير، ولم تستسلم لآلمها، بل ظلت تعيش وتفكر وتتخذ القرارات المصيرة بل وتغير حياتها تماما حتى الأيام الأخيرة، فلم تعيش على الإسلام إلا 11 يوماولكنها توفيت على الإسلام وهذا هو الأهم
لقد سخر الله لي مريم في مماتها لتكون قدوة وداله لي على الخير، وتعلمني أنا من ولدت على الإسلام كيف يكون الأيمان الحق، لقد أحببتها في الله دون أن أراها، كما أحببها كثيرون مثلي
رحمك الله يامريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق