مع اقتراب جرعات الكيماوي من نهايتها كان جسدي المسكين يزداد ضعفا وشحوبا، وان كانت آلامي بدات تتراجع مع اضمحلال الورم شيئا فشيئا، وأوردتي المسكينة بدأت تصرخ ألما ، وكان ألمها يزداد في كل مرة، ولكن النجاح الذي يحققه العلاج جعل الألم يهون، واقتراب النهاية دفعني لأشد نفسي وأزيد من مؤازرتها وتشجيعها، هيا يانفس لم يعد أمامنا الكثير، لقد مر معظم الطريق ولم يعد أمامنا سوى القليل، ان كنت تتألمين فمن من البشر لا يتألم ولكن كل كما قدر له ربه، فهل نحن إلا في اختبار كبير، استمري فقد أبليت حسنا حتى الآن وعليك إكمال المسير،استعيني بالله، تذكري الثواب الكبير الذي ينتظرنا، لا تسمحي للضعف ان يصل إليك، سدي على القنوط كل سبيل، لقد قررنا أن نحيا أقوياء، وأن نسعى ان لم نحقق النجاح في الدنيا أن يكون لنا بإذن الله مكانا في الجنة بين الصابرين المحتسبين، ياله من هدف يستحق العناء فلأجل ذلك فليعمل العاملون وليتنافس المتنافسون، ان أردت التأوه فليكن ذلك بين يدي ربك، اسكبي العبرات عند بابه، انظري هاهو شعاعه الأمل يزداد لمعانا وبريقا يوما بعد يوم حتى كاد يحول حياتنا لنهار مشرق.
مع مرور جرعات الكيماوي، كانت الوجوه التي أقابلها قد أصبحت مألوفة لي تجمعنا غرفة العلاج، تتقابل الأسرة، كلمة من هنا، دعاء من هناكمشاركة في الهم نفسه، دفعات من الأمل تتبادلها المريضات، نلتقي على الأمل، ونتفارق على دعوات متبادلة بالصحة والعافية، انهاء إحدانا لجرعاتها فيض أمل تبثه في قلوب الأخريات، ودخول مريضة جديدة يدفعنا لمؤازرتها بأن الطريق سيهون بالصبر والدعاء.
ورغم ذلك كم كنت أشعر بالسعادة حين يقرر الطبيب لأي سبب تأجيل موعد جرعتي، فعدم أخذ الجرعة في موعدها يعني بضع أيام بلا آلام معدة أو دوار أو شحوب، ويالها من أيام ثمينة يمكنني أن أمارس فيها حياتي بشكل طبيعي، وأغتنمها في عمل شيء مفيد، قبل أن أدخل في جولة جديدة من الضعف في رحلتي مع الكيماوي.
لم استطع ان امنع نفسي من التحسر على الأيام التي أضعتها من حياتي وقت القوة في لاشيء، وعلى الأعمال التي أجلتها وأنا بكامل صحتي. آه..ما أكثر تلك الأوقات التي تضيع من حياتنا، ليتني أستطيع أن أصيح لأنبه الناس بألا يضيعوا ساعة قد لا تأتي من جديد، ولا يأجلو عمل يريدون القيام به فلا يعلم أمر الغد إلا الله وحده.
وكانت البدايه
قبل 14 عامًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق