الأحد، 25 أبريل 2010

وجوه تنبض بالحياة

إذا ساقتك قدماك قدرا إلى مركز أو مستشفى لعلاج السرطان، فما هو الإحساس الذي سيسيطر عليك؟؟.. هل ستشعر بالشفقة على هؤلاء المرضى وتدعو لهم بالشفاء، وتشكر اله على نعمة العافية؟؟..لا شك أن هذا سيكون جواب الكثيرين منا، بل أن البعض سيسارع بالخروج من هذا المكان الكئيب الذي يبعث الوجود بداخله على الألم بل والخوف أحيانا، خاصة وأن معظمنا يستشعر الموت وهو يحوم حول هذا المكان، وهكذا كنت أشعر انا أيضا في المرات القليلة التي مررت بهذا المكان، فقد تزامنت كلمة سرطان في أذهاننا مع كلمة ألم شديد ومعاناة ثم موت، ولكنني حين دخلتها مريضة أحمل بين يدي تحاليلي وأشعاتي وفحوصاتي وجدت للأمر نظرة جديدة.
سيسيطر عليك إحساس غريب وأنت تخطو إلى هناك على قدميك لا تتمزق ألما، وتزداد دهشتك وانت تتفرس في الوجوه التي تنتظر دورها في الدخول للطبيب، انهم أصحاء مثلنا، أو هكذا يبدون، يتحدثون، يتحركون، يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، نساء تقضين الوقت في الثرثرة، ورجال في قراءة الصحف، بل أن بعضهم كان يأخذ جرعة الكيماوي أو جلسة الإشعاع ثم يتجه إلى عمله، ومنهم من كان يتابع عمله ومهامه بالهاتف أثناء تلقي العلاج، وإذا خرجوا للشارع لن يصدق من يراهم أن هذا الإنسان مريض بهذا المرض الخطير، وأنه قد خرج توا من جلسة علاج، هكذا هم يمارسون حياتهم مثلنا تماما، وهكذا تعلمت منهم، وقررت أن أكون.
حقا إن المرض خطير، ومضاعفاته أخطر، والشفاء منه لا يكون إلا برحمة الله فهو حقا خبيث لايعرف غدراته ومفاجآته إلا الله، ولكن الإصابة به لا تعني أن الأمر قد انتهى وأن الحياة قد توقفت، فلنا في هذه الحياة أيام سنُسأل عنها، وساعات نحن من سنختار كيف نقضيها، ولا يزال معنا جسد قادر على العطاء والعمل، فالأمل موجود مادام في جنباتنا نفس يتردد، وطالما كان لنا رب سميع مجيب قادر على كل شيء رحيم بعباده يغيث الملهوف ويكشف السوء، ومادام لنا ألسنة تلهج بالدعاء وقلوب محبة تدعو لنا بظهر الغيب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق